رأس عبّاس لا يكفي
عزل عبّاس وتحويله للتحقيق والمحاكمة بات مطلباً شعبياً جماهيرياً واضحاً بعد أن تبنته عشرات المؤسسات الفلسطينية حول العالم والعديد من الشخصيات الاعتبارية الفلسطينية، وبعد أن سقطت آخر ورقة توت عن عورة السلطة العميلة المحتمية والمستقوية بالاحتلال، وبعد جريمة ومؤامرة تقرير غولدستون الأخيرة، التي هي بمثابة خيانة حقيقية.
على مدار سنوات خلت كان سيف العملاء يُشهر في وجه كل من يحاول ايقافهم ولو بالكلمة، سيفهم كان شعاره " التخوين والتجريح" بمعنى أنه يحق لهم اقتراف الجرائم والموبقات ولا يحق لنا أن نفضحهم لأننا إن فعلنا ذلك نكون "نخوّن ونجرّح"، وللأسف الشديد فقد نجح هؤلاء إلى حد كبير في لجم الكثير من الأصوات بهذا السيف الباطل، لكن اليوم وبعد أن وضحت العمالة والخيانة لابد من وقفة جادة من كل مثقفي شعبنا لتسمية الأمور بمسمياتها.
عبّاس الذي كذب وكذب وكذب، حتى أنه يكذب كما يتنفس، هو ومن حوله من عصابة يستقوي بها، أراد بالأمس أن يصدقه العالم بكذبة جديدة، مفادها أن لا علاقة له ولفتح وللمنظمة وللسلطة بتأجيل التصويت، بل أن العرب هم السبب، وهو بذلك يريدنا أن نصدقه ونصدقه العميل الآخر دحلان الذي طالب هو أيضاً يوم 03/10/2009 "بالتفريق بين موقف فتح والمنظمة والسلطة ليس بخصوصية هذا الموضوع بل بعمومية المواقف التي قد تتفق او تختلف ففتح لها رؤية حركية خاصة في تطورات الاحداث المحيطة"، العب غيرها يا شاطر فكل تلك المؤسسات يسيطر عليها نفس مجموعة العملاء والخونة وأنتم أولهم، يريدون لنا أن نصدقهم ونكذب كل هؤلاء:
· عمرو موسى الذي سمع بالخبر من الاعلام وشعر بالغثيان
· أكمل الدين إحسان أوغلو أمين عام لمنظمة المؤتمر الإسلامي
· اللجنة العربية لحقوق الانسان
· منظمة العفو الدولية
· منظمة هيومان رايتس ووتش
· أكثر من 600 مؤسسة دولية
· أكثر من 60 قانوني وحقوقي
· 14 مؤسسة فلسطينية في الداخل
· 40 مؤسسة فلسطينية في أوروبا
· وغيرهم
علينا أن نكذب العالم كله ونصدق عباس وفياض ودحلان، ببساطة لأنهم شكلوا لجنة تحقيق على مقاس ياسر عبد ربه ودون علم اللجنة التنفيذية لمنظمة عبّاس، نكذّب الجميع لنصدق حفنة من عملاء الاحتلال، لا والله لن يكون.
الغريب أنهم جميعاً تنصلوا من تلك الجريمة بعد أن حاولوا تبريرها، لا علاقة لفتح أو المنظمة أو السلطة أو الحكومة، ما فائدة التحقيق في هذه الحالة، ربما لتلبيس الموضوع لموظف صغير بعد استرضائه، لا نستبعد أن يكون عاملهم في جنيف إبراهيم خريشة، ويا دار ما دخلك شر!
المشكلة ليست في التقرير المذكور، لكن في نهج وممارسة منذ اسقاط لجنة تقصى الحقائق في مجزرة جنين بموافقة فلسطينية،إلى التآمر على الخيار الديمقراطي الفلسطيني من قبل المجرم دحلان مع دايتون، إلى ممارسات ممثل عبّاس في الأمم المتحدة رياض منصور قبل أشهر، إلى المشاركة المباشرة في العدوان على غزة، وملاحقة المقاومين، وتحقير المقاومة، والتنسيق الأمني الخياني مع الاحتلال، وغيرها من المواقف الخيانية التي تحتاج لمجلدات، والتي سكت عنها الكثيرون خوفاً من سيف التخوين والتجريح.
المطلوب اليوم ليس رأس عبّاس بعزله واسقاطه، لكن المطلوب هو نهج الخيانة والعمالة، المطلوب اسقاط مل حثالات شعبنا المتحكمة برقاب العباد في الضفة الغربية، والمطلوب محاكمتهم ليس فقط على تقرير غولدستون بل على كل جرائمهم خلال العقود الأربعة الماضية.
عبّاس هو مجرد أداة لا أكثر ولا أقل، وسيأتي من هو أسوأ منه، هكذا علمتنا الأيام، أن نترحم على السيء بعد أن نرى الأسوأ، عبّاس وعزله لا يكفي ولن يحل المشكلة، لأن هناك ألف عميل أكبر وأصغر مستعدون أن يتحولوا إلى أحذية للاحتلال.
نعم نقولها اليوم بوضوح هذه سلطة عميلة لا نريدها، وهؤلاء خونة يجب محاكمتهم، وكل من يتنطع ويدافع عنهم مشارك في تلك الجرائم، ويتحمل المسؤولية معهم، والحوار معهم عقيم ومضيعة للوقت، بل تثبيت لهم وإطالة في عمرهم السياسي.
ولكل كتّاب ومثقفي شعبنا، اكسروا حاجز الخوف والصمت، سمّوهم بأسمائهم، باعوا وفرّطوا وتنازلوا باسم الوطنية والتاريخ النضالي المزعوم، يعملون لصالح الاحتلال في ضوء النهار، عمالة وخيانة لم يسبقهم إليها أحد، والله أن لحد الذي شبهناهم به يوماً يخجل من هذا التشبيه، وربما لو قورن بخيانتهم اليوم لأكتشفنا إن فيه ذرة وطنية لا يملكها هؤلاء.
بدأ الحراك الجماهيري، والذي سيتحول إلى مد وبركان لن يتوقف حتى تنظيف البيت الفلسطيني من الحثالاث والقاذورات التي شوهت وتشوه تاريخه ونضاله ومقاومته.
لا نامت أعين الجبناء